حينما ينظر الإنسان إلى الجبال الشاهقة تهوله ضخامتها وعظمتها، فهي من عجائب مخلوقات الله الجديرة بالتأمل والاهتمام، ولذا لفت المولى عز وجل الأنظار بالتفكر والتدبر في بديع خلق الله وصنائعه الظاهرة.

• قال تعالى: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ(17)وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ(18)وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ)(الغاشية 19)

من أقوال المفسرين

في قوله تعالى: » وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا، مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ « [النازعات:32-33].

جاء في تفسير الطبري:

"وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا" أي: وَالْجِبَال أَثْبَتَهَا فِيهَا، أَيْ أَثْبَتَهَا لَا تَمِيد بِأَهْلِهَا. والْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : "مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ" يَعْنِي أَنَّهُ خَلَقَ هَذِهِ الْأَشْيَاء، وَأَخْرَجَ مِنْ الْأَرْض مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا، مَنْفَعَة لَنَا، وَمَتَاعًا إِلَى حِين .

وجاء في تفسير القرطبي (رحمه الله) ‏: "وَالْجِبَال " بِالنَّصْبِ , أَيْ وَأَرْسَى الْجِبَال " أَرْسَاهَا " يَعْنِي : أَثْبَتَهَا فِيهَا أَوْتَادًا لَهَا، وقوله تعالى "مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ" أي " مَتَاعًا لَكُمْ " أَيْ مَنْفَعَة لَكُمْ " وَلِأَنْعَامِكُمْ " مِنْ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم .

وجاء في تفسير ابن كثير: وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا أي أقرها وأثبتها في أماكنها‏، وهو الحكيم العليم‏، الرؤوف بخلقه الرحيم‏. وقوله تعالى "مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ" أي كُلّ ذَلِكَ مَتَاعًا لِخَلْقِهِ وَلِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ الْأَنْعَام الَّتِي يَأْكُلُونَهَا وَيَرْكَبُونَهَا مُدَّة اِحْتِيَاجهمْ إِلَيْهَا فِي هَذِهِ الدَّار إِلَى أَنْ يَنْتَهِي الْأَمَد وَيَنْقَضِي الْأَجَل.

وجاء في تفسير الجلالين: " وَالْجِبَال أَرْسَاهَا " أي أَثْبَتَهَا عَلَى وَجْه الْأَرْض لِتَسْكُن، وقوله تعالى "مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ" " مَتَاعًا " مَفْعُول لَهُ لِمُقَدَّرٍ , أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ مُتْعَة أَوْ مَصْدَر أَيْ تَمْتِيعًا " لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ " جَمْع نَعَم وَهِيَ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم.

ما هو الجبل؟؟

قال الله تعالى: "وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا" ﴿7﴾ سورة النبأ

(وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ) سورة لقمان(10).

و (‏الجبل‏)‏ في اللغة هو المرتفع من الأرض ارتفاعاً ملحوظاً يجعله يعظم ويطول على ما حوله من الأرض، والجمع أجبال وجبال.

فالجبل - في القاموس الجيولوجي - عبارة عن جسم صخري هائل يرتفع عن (سطح الأرض) ويتميز بمنحدراته الحادة وقمته المستدقة.

ﻓﻬل ﻴﻔﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﺠﺒل ﺤﻘﻪ ﺍﻵﻥ؟

حينما تتفق الآية القرآنية مع حقيقة علمية فهذا تأكيد لتلك الحقيقة وشاهد على إعجاز القرآن.

قال الله تعالى: "وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا" ﴿7﴾ سورة النبأ

إن وصف الجبال بالأوتاد هو أبلغ وصف لها؛ لم نكتشفه إلا حديثاً. والجبال تشبه الأوتاد شكلاً ودوراً، والحقيقة أنه لم يخطر على بال أحدٍ منذ 14 قرناً أن الجبال الشاهقة مثل جبال الألب أو الهمالايا لها جذور تغوص في الوشاح وأنها تشبه إلى حد كبير جبال الثلج العائمة على الماء، وأنه كلما زاد ارتفاع الجبل كلما ازداد غاطسه تحت السطح، وهذا هو السبب في اختلاف سمك القشرة الأرضية من مكان لآخر، فصخور القشرة كلها ما هي إلا عوامات على صخور الوشاح لأن الوزن النوعي للقشرة أقل من الوزن النوعي لصخور الوشاح.إ

اللغة المشتركة بين الجبال والإنسان

ذكر الله عز وجل في مواضيع عديدة من كتابة العزيز أن الجبال تسابق الإنسان في معرفة الله والخوف منه، فهناك لغة مشتركة بين الجبال والإنسان في معرفة حقوق المولى عز وجل من تسبيح دائم..

سجود وتصدع للجبال من خشية الله وإشفاق الجبل من حمل الأمانة

قال تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء" [الحج:18].

قال تعالى "لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ" [الحشر:21].

قال تعالى "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا [الأحزاب:72].

بالرغم من ضخامة الجبال وعظمتها إلا أن هناك لغة مشتركة بين الجبال والإنسان وهي لغة تسبيح الله عز وجل، ولكن بلغة لا نعلمها ولا نعرفها، إنما يعرفها خالقها جل شأنه.

قال تعالى: "وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا، مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ"